حماد بن حبيب الكوفي القطان قال : انقطعت عن القافلة عند زبالة (٢) فلما أن أجنني الليل أويت إلى شجرة عالية ، فلما اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل عليه أطمار بيض يفوح منه رائحة المسك ،
(٢) زبالة : اسم موضع بطريق مكة.
فأخفيت نفسي ما استطعت ، فتهيأ للصلاة ، ثم وثب قائما وهو يقول : يا من حاز كل شئ ملكوتا ، وقهر كل شئ جبروتا ، أولج قلبي فرح الاقبال عليك ، وألحقني بميدان المطيعين لك ، ثم دخل في الصلاة فلما رأيته وقد هدأت أعضاؤه ، وسكنت حركاته ،
قمت إلى الموضع الذي تهيأ فيه إلى الصلاة ، فاذا أنا بعين تنبع فتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه فاذا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت ، فرأيته : كلما مر بالآية التي فيها الوعد والوعيد يرددها بانتحاب وحنين ، فلما أن تقشع الظلام ، وثب قائما وهو يقول :
يا من قصده الضالون فأصابوه مرشدا ، وأمه الخائفون فوجدوه معقلا ولجأ إليه العابدون فوجدوه موئلا ، متى راحة من نصب لغيرك بدنه ، ومتى فرح من قصد سواك بنيته ، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطرا ، ولامن حياض مناجاتك صدرا ، صل على محمد وآله وافعل بي أولى الامرين بك يا أرحم الراحمين ،
فخفت أن يفوتني شخصه وأن يخفى علي أمره ، فتعلقت به ، فقلت : بالذي أسقط عنك هلاك التعب ، ومنحك شدة لذيذ الرهب ، إلا ما لحقتني منك جناح رحمة وكنف رقة فاني ضال ، فقال : لو صدق توكلك ما كنت ضالا ، ولكن اتبعني واقف أثري ،
فلما أن صار تحت الشجرة أحذ بيدي وتخيل لي أن الارض يمتد من تحت قدمي ، فلما انفجر عمود الصبح قال لي : ابشر فهذه مكة ، فسمعت الضجة ورأيت الحجة (*) فقلت له : بالذي ترجوه يوم الازفة يوم الفاقة من أنت؟ فقال : إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام ).
(*) كانه اراد جمع الحاج ، اصلهما حاجج وحججة
0 التعليقات:
إرسال تعليق